موسكو استولت على أفضل مقاتلة أمريكية.. جمعوا الحطام وأصلحوها
بشكل مفاجئ، باشرت القوات الألمانية تدخلها بالأراضي السوفيتية يوم 22 حزيران/يونيو 1941، ضمن عملية بربروسا، منتهكة بذلك ما جاء بمعاهدة مولوتوف ريبنتروب (Molotov–Ribbentrop) الموقعة عام 1939. وبموجب ذلك، وجد الاتحاد السوفيتي نفسه طرفا، لجانب الحلفاء، بالحرب العالمية الثانية التي شهدت في وقت سابق سقوط فرنسا بقبضة الألمان.
على إثر دخول الولايات المتحدة الأميركية الحرب عقب هجوم بيرل هاربر، اتجه الأميركيون والبريطانيون لدعم حليفهم السوفيتي بالعتاد العسكري حيث عانت القدرات العسكرية السوفيتية بتلك الفترة من تأخر واضح مقارنة بنظيرتها الألمانية. وعلى مدار الحرب، حصل الاتحاد السوفيتي على حوالي 4000 قاذفة قنابل كدعم من حلفائه الغربيين.
قاذفات قنابل متطورة
منذ البداية، باشر الأميركيون بإرسال أعداد كبيرة من قاذفات القنابل الخفيفة من نوع دوغلاس إيه 20 هافوك (Douglas A-20 Havoc) لحلفائهم السوفيت. وفي الأثناء، وصف الطيارون السوفييت دوغلاس إيه 20 هافوك بالطائرة المثالية مؤكدين على سهولة قيادتها وسرعتها الفائقة وقدرتها على المراوغة. فضلا عن ذلك، زودت هذه الطائرة بأجهزة ملاحقة وراديو متطورة وهو ما جعلها كنزا ثمينا بيد السوفيت. وطيلة فترة الحرب، حصل السوفيت على أكثر من 3000 نسخة من دوغلاس إيه 20 هافوك الأميركية.
من ناحية أخرى، لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية في تزويد السوفيت بواحدة من أحدث قاذفات القنابل التي امتلكتها. فمع بداية العام 1942، وصلت أولى قاذفات القنابل من نوع بي 25 ميتشل (B-25 Mitchell) للاتحاد السوفيتي. وطيلة فترة الحرب، حصلت القوات الجوية للجيش الأحمر على ما يقرب من 860 قاذفة قنابل بي 25 ميتشل.
في البداية، أساء السوفيت استخدام قاذفة القنابل بي 25 ميتشل حيث عمد الخبراء العسكريون بالجيش الأحمر لإرسالها بمهام قصف على جبهات القتال بوضح النهار. وبسبب ذلك، نجح الألمان في إسقاط أعداد كبيرة منها. لاحقا، اتجه السوفيت لاستخدام بي 25 ميتشل، التي تميزت بقدرتها على نقل 2800 كلغ من القنابل، بمهام ليلية لقصف المدن والمناطق الصناعية الألمانية.
بي 17 القلعة الطائرة
إلى ذلك، وعد الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت نظيره السوفيتي جوزيف ستالين منذ العام 1941 بتزويده بقاذفات القنابل الثقيلة بي 17 القلعة الطائرة (B-17 Flying Fortress) التي تميزت بسرعتها وقدرتها على التحليق بعلو شاهق وإمكانية نقلها لحوالي 2800 كلغ من القنابل لمسافة تتجاوز 1600 كلم.
مع تقدم الحرب وبداية تقهقر الألمان واليابانيين على مختلف الجبهات، تخوف الأميركيون من إمكانية اندلاع نزاع مستقبلي بينهم وبين الاتحاد السوفيتي الذي أصبح مسلحا بشكل جيد. وبسبب ذلك، عبّر الأميركيون عن قلقهم من فكرة تزويد عدو مستقبلي بأفضل قاذفات القنابل الثقيلة التي امتلكوها. وأمام هذا الوضع، اتجه الأميركيون للتنكر لوعودهم للسوفيت حول إمكانية تسليمهم قاذفات القنابل الثقيلة بي 17 القلعة الطائرة.
في الأثناء، شهدت الحرب على الساحة الأوروبية سقوط العديد من قاذفات القنابل بي 17 القلعة الطائرة بأراضي دول أوروبا الشرقية أثناء شنها غارات على مواقع ألمانية. وأملا في الوصول لهذه الطائرة المتطورة، حصل الجيش الأحمر السوفيتي على أوامر بجمع حطام قاذفات القنابل الثقيلة بي 17 القلعة الطائرة ونقلها للأراضي السوفيتية. وهنالك، تكفل المهندسون السوفيت بمهمة نقلها نحو الورشات لإعادة ترميمها وإصلاحها.
بداية من شهر نيسان/أبريل 1945، باشر فوج الطيران 45 بعيد المدى السوفيتي باستخدام قاذفات القنابل بي 17 القلعة الطائرة التي تم ترميمها بالورشات السوفيتية. ومع نهاية الحرب، امتلك السوفييت 16 نسخة من هذه الطائرة. وبحلول أواخر الأربعينيات، اتجه سلاح الجو السوفيتي للتخلي نهائيا عن هذه الطائرة.