من ذاكرة المنامة ..قصة حلوي شويطر من العراق الي البحرين
فؤاد شويطر.. هو علم من أعلام البحرين في الخليج العربي، حيث استطاع أن يغزو قلوب أهل الخليج كافة بحلوى شويطر التي يأتي إليها وفود خاصة من دول المنطقة، فكان لأصالة صنعته السر في تميزها، ورغم شهرته العالمية إلا أنه لا يستطيع أن يتنفس خارج المحرق لأكثر من 10 أيام ليعود إلى محيطه ومصنعه وأصدقاءه، ولا ينسى شويطر ذكرياته مع سمو رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، الذي شاركه عشق المحرق، وتعلم من سموه حب الوطن والإخلاص لمجتمعه.
– بداية فؤاد شويطر
• عشت في قلب منطقة المحرق بشارع الشيخ حمد وبيتنا في ذاك الوقت بالقرب من بيت حاكم البحرين الشيخ حمد وبعده الشيخ سلمان جد جلالة الملك ووالد سمو رئيس الوزراء، وقد انطلقت البحرين من المحرق لأنها كانت العاصمة للحكم، وكان عمري 4 سنوات عندما توفي الشيخ سلمان، وعندها بزغ نجم سمو رئيس الوزراء الذي تولى رئاسة الوزراء ونهض بها نهضة اقتصادية كبيرة
– كانت البحرين في الثلاثينات تعتمد على الصيد
• عادة ما كان صيد اللؤلؤ والأسماك في فصل الصيف ويحدث ركود في الشتاء
– حدثنا عن دراستك في هذا العصر
• لم يغب التعليم عن البحرين منذ بداية القرن الماضي، وقد كانت المحرق منارة العلم للمملكة، وقد درست المرحلة الوسطى في مدرسة ابوعبيدة بن الجراح، ثم انتقلت في الثانوي إلى أعرق صرح علمي في البحرين وهو مدرسة الهداية الخليفية، لكن وجود وسط عائلة مهنية لديها حرفة تتفرد بها عن باقي العائلات منذ عام 1850، ورأيت كيف تصنع الحلوى في بيتنا، وكان كلا من والدي ووالدتي يقفان على التنور لصناعة تلك الحلوى اللذيذة والتي أحبها الناس، وهو ما جعلني أتعلم المهنة رغم رفض والدي لأن أساعده، حتى أنهي دراستي، لكن بعد المرحلة الثانوية بدأت العمل مع والدي، بينما وجد بقية إخوتي الفرصة للتعليم الجامعي، فقد كان لي أخ “توفي” و 6 شقيقات.
– لماذا لم تكمل تعليمك مثل أشقاءك
• كان ارتباطي بمهنة صناعة الحلوى أكبر من الدراسة الجامعية رغم محاولات والدي المستميتة، ولأني أيضا رفضت أن أترك والدي بمفرده حين كان شقيقي يدرس في بغداد، وعندما رأى والدي قدرتي على تحمل المسؤولية شجعني وبدأت الصعود على التنور إلى جواره.
– كيف تطورت مهنة حلوى شويطر
• عندما بدأ الطلب يزداد على الحلوى قررنا الخروج من الصناعة المنزلية إلى تأسيس مصنع في عام 1968، وبقينا في هذا المصنع حتى 1987، ثم أنشأنا المصنع الحالي والأكبر.
– ما الذي يميز فؤاد شويطر عن الآخرين
• ارتباطي بعائلتي ومهنتي وبمنطقتي “المحرق” وكانت تلك التوليفة هي سر التميز، وأشعر أن هذه المهنة هي شجرة غرسها الأجداد، وأنا القيم على بقائها، فرغم حرصي على أن يدرس جميع أبنائي في الجامعات، إلا أنني حرصت على أن يعملوا في تلك المهنة، وأن تبقى الأيادي بحرينية ولا يدخل فيها أجنبي، لأن حلوى شويطر مرتبطة ارتباطا متجذرا بتاريخ البحرين، وهناك غرفة خاصة بمتحف البحرين الوطني تتحدث عن “حسين محمد شويطر”.
– علاقتك بسمو رئيس الوزراء
• هي علاقة حب لشخصية رجل دولة استطاع أن ينهض بها مؤسسيا، ويحافظ في ذات الوقت على علاقاته المجتمعية مع الناس، فرغم تأثيره على سياسة البحرين ودول الخليج والعالم، إلا أنه يحرص على سماع صوت أصغر مواطن ويلبي النداء بالتواجد على الأرض في وقت الأزمات، وأذكر هنا حين حدث حريق في السوق الشعبي للمحرق، لم تمض دقائق حتى كان متواجدا بيننا ويتابع على الأرض، حتى أنني خشيت على سموه من سقوط الأخشاب جراء الحريق المستعر، فكان رده: إذا حدث فأنا بينكم.
– ما السر في حب سموه للمحرق؟
• سمو رئيس الوزراء يخدم الوطن دون استثناء، ويستمع لشكاوى المواطنين ويحرص على قراءة ما يكتب في الصحافة كل صباح، ليعطي التوجيهات بالتواصل مع أصحاب المشكلات وسرعة حلها، لكن المحرق تبقى دوما في قلب سموه ولها مكانة خاصة لا مثيل لها في أي منطقة من مناطق البحرين.
– ما التطور الذي حصل على حلوى شويطر
• أهم ما يميز هذا النوع من الحلوى هو أنها تبقى صناعة يدوية، وقد حاولنا إدخال الآلات في الصناعة، واستوردنا معدات صناعية من الصين، لكنها لم تصلح.
– هناك العشرات من أسماء محلات حلوى شويطر في البحرين، فمن هؤلاء؟
• عائلة شويطر عائلة كبيرة، وهناك العديد من الأهل يعملون فيها ولا أستطيع أن أتدخل، لكن يبقى التميز هو سر النجاح ومن جد وجد، وهناك الكثيرين يحاولون التقليد.
– يقال أن هذه الحلوى تم نقلها من العراق
• بالفعل هي أصلها في العراق ومدينة النجف تحديدا، ولكننا قمنا بتطويرها وصناعة أنواع فريدة خاصة بالبحرين وشويطر فقط، وقد ذهبت إلى مسقط رأس المهنة ورأيتهم يصنعون الحلوى القديمة حتى اليوم دون تطوير، بينما أوجدنا نحن لها أكثر من نوع ونكهة، وأطلقنا عليها “صوغة البحرين”.
– ألم تفكر في الانطلاع خارج البحرين بصناعة الحلوى
• جاءتني الكثير من العروض والتي بلغت أمريكا، وكان وزير الصناعة والتجارة يريد أن يكون للبحرين موطئ قدم بمنتجها المتميز في أسواق العالم، لكني لم أتشجع لهذا المقترح، وأكتفي بما أصنعه هنا في بلدي ومنطقتي، حتى أنني لا أخرج من المحرق إلا نادرا، وعندما أسافر يكون بحد أقصى 10 أيام، لا أحتمل بعدهم البعد عن المحرق.