البنك الدولي: تقليص الفجوة بين الجنسين.. يرفع الناتج المحلي
أكد تقرير حديث للبنك الدولي أن سد الفجوة ين الجنسين قد يرفع الناتج المحلي العالمي أكثر من 20%. ولفت تقرير (المرأة وأنشطة الأعمال والقانون) إلى أن إنهاء القوانين والممارسات التمييزية سيضاعف معدل النمو العالمي على مدى السنوات العشر القادمة.
وبالمقابل، أظهر التقرير أن النساء لا يتمتعن إلا بنسبة 64% من الحماية القانونية التي يحظى بها الرجال. ولا توفر حتى الدول الأكثر ثراء فرصا حقيقية متساوية بين الجنسين! فيما تبقى العقبات التي تواجهها النساء عند دخول سوق العمل مستمرة في كثير من الدول ومن ذلك فجوات الأجور وحاجز بدء أنشطة أعمال. ولفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي يمتلك 98 اقتصادا حول العالم قوانين للمساواة في الأجور، إلا أن 35 اقتصادا فقط يمتلك تدابير وآليات لذلك.
هذه الأرقام تفرض سؤالا مهما حول العلاقة بين سد هذه الفجوات وبين الانعكاسات الإيجابية على الاقتصاد وعلى الناتج المحلي. وطبيعة التحديات القائمة التي تحول دون تحقيق التوازن المطلوب على المستوى الدولي.
الدراسات تثبت
تساؤلات ناقشناها مع عدد من الاقتصاديين والمصرفيين ورجال وسيدات الأعمال.
البداية مع الخبير المصرفي الدكتورة غنية الدرازي التي تؤكد أن التمثيل المناسب للمرأة في مجالس إدارات الشركات والجناح التنفيذي ليس فقط هو «الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله»، لأن المرأة نصف المجتمع ولكن لأنه يرتبط أيضًا ارتباطا وثيقا بالأداء الاقتصادي للشركات وبالتالي يرتبط بالأداء العام للبلد.
وتضيف الدرازي: تشير الدراسات التي أجريت في عديد من الدول المتقدمة إلى أن التمثيل العادل للمرأة في مجالس الإدارة والجناح التنفيذي يؤدي إلى تحسين أداء الشركة وزيادة الإنتاجية والربحية وتحسين الحوكمة. وأن الشركات التي تضم عدداً أكبر من النساء في مجالس إدارتها تحقق عوائد أعلى على الأسهم وتحقق قدرا أكبر من الإبداع والابتكار.
والتفسير المنطقي وراء هذه النظرية أن وجود المرأة في مجلس الإدارة والجناح التنفيذي بنسب عادلة يؤدي إلى تحسين عملية صنع القرار الاستراتيجي في الشركات. وأن التنوع يقلل مخاطر «التفكير الجماعي»، ويخلق نطاقا متنوعا من وجهات النظر والخبرات والخلفيات، تساعد على خلق نطاق أوسع من الأفكار والحلول لمشاكل الشركة وفهما أفضل لعملاء الشركة مما يساعد على تحسين عملية صنع القرار وذلك ينعكس إيجابيا على أداء الشركة وربحيتها وبالتالي نمو اقتصادي أكثر إيجابية.
وهنا يجب تأكيد أن مواهب الأشخاص وأفكارهم هي الوقود الأساسي للنمو الاقتصادي المستدام. وإذا كانت مجموعة مواهب وأفكار نصف المجتمع لا يتم توظيفها واستغلالها بالشكل الملائم ذلك سيؤدي إلى تقويض النمو والاستدامة على المدى الطويل.
دعم النمو الاقتصادي
ننتقل في محطتنا الثانية إلى الأستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة البحرين الدكتور أنيس الخياطي لنسأله عن رأيه فيما ورد بتقرير البنك الدولي. وهذا ما علق عليه بقوله:
في الواقع، يعد هذا الأمر غير مفاجئ، فهناك قدر كبير من الدراسات حول العلاقة بين المساواة بين الجنسين والنمو الاقتصادي، تبرز العلاقة الموجبة والكبيرة بينهما. وتؤكد معظم الأدبيات النظرية أن المساواة بين الجنسين تؤثر في النمو الاقتصادي والدخل عبر ثلاث قنوات أساسية: ارتفاع مشاركة الإناث في سوق العمل، وتحسن مخزون رأس المال البشري، وتقليص الخصوبة.
وأضاف الخياطي: تعد هذه العوامل في الأغلب مترابطة ومتشابكة، حيث تنشأ آثار الفجوات بين الجنسين على النمو الاقتصادي في المقام الأول من تأثير مساهمة الإناث في الإنتاج في الخصوبة وعلى خلق رأس المال البشري للجيل القادم. في المقابل، يمكن أن يكون لزيادة مشاركة الإناث في العمل تأثير ميكانيكي مباشر في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لأن موارد الإنتاج الأسري يتم تحويلها إلى إنتاج السوق، وهو ما يدخل في مقياس الناتج المحلي الإجمالي.
ويؤدي التحسن في مشاركة الإناث في العمل تدريجيا إلى تقليص الفجوة النسبية في الأجور بين المرأة والرجل، وبالتالي زيادة تكلفة الفرصة البديلة للمرأة وحثها على التخلي عن تربية الأطفال ودخول سوق العمل.
ولكن لا بد من الإشارة في الأخير إلى أن بعض الدراسات والنظريات، رغم قلتها، تعتبر أن عدم المساواة بين الجنسين قد تكون له آثار إيجابية على النمو من خلال التأثير في الصادرات خاصة في الاقتصادات الموجهة نحو التصدير. بالإضافة إلى أن انخفاض الخصوبة الناتج عن عمل المرأة قد يخفض من كثافة رأس المال البشري على المدى البعيد.
* أشار التقرير إلى أنه «حتى أكثر الدول ثراء، لا تتوفر بها الفرص المتساوية والحقيقية للمرأة»، ما السبب في رأيك؟
** بفض النظر عن بعض التباين بين مختلف الدول، يرجع ذلك بشكل عام على المستوى العالمي إلى النقاط التالية:
- قلة التمثيل في القيادة: حيث يشتغل عدد أقل بكثير من النساء مقارنة بالرجال في المناصب الإدارية والقيادية، وخاصة في المستويات العليا.
- ساعات العمل: فمثلا تشير منظمة العمل الدولية إلى أن النساء يعملن على أساس دوام جزئي أكثر من الرجال في أغلبية البلدان التي تتوفر فيها البيانات. وهذا غالبًا ما يرتبط بتحمل المرأة المزيد من المسؤوليات الأسرية غير مدفوعة الأجر. ومن المرجح أيضا أن تأخذ النساء أكثر من الرجال فترات راحة من العمل من أجل تربية الأطفال أو رعاية كبار السن أو أفراد الأسرة المرضى. وكل ذلك يؤثر في التقدم الوظيفي والأجور.
- نوعية التعليم. تتفوق النساء على الرجال في معظم الأماكن كخريجات للتعليم العالي، ويتقدمن في تخصصات كثيرة. ومع ذلك، لا تزال النساء متخلفات عن الرجال في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات المرتبطة بالوظائف ذات الأجر الأعلى. حتى عندما تكون النساء مؤهلات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، فقد يكون من الصعب بالنسبة إليهن الحصول على وظيفة والحفاظ عليها في هذه المجالات التي يهيمن عليها الذكور تقليديًّا.
- تقييم العمل: في غياب أساليب وممارسات موضوعية لتقييم الوظائف، يمكن أن يحدث التحيز بين الجنسين بسهولة في التعيين والأجور.
* في رأيك، ما أبرز الإنجازات وأبرز التحديات المتعلقة بتمكين المرأة في البحرين؟
** البحرين حققت تصنيفا مرتفعا في مجال المساواة بين الجنسين بين الدول العربية. وهذا التصنيف يرجع إلى عدة جوانب رئيسية هي:
- إحراز تقدم مستمر في مجالات المساواة في الأجور، وريادة الأعمال، والمعاشات التقاعدية، وتعزيز الرفاهية الجسدية والنفسية للمرأة.
- التزام البحرين بالشمول الرقمي (digital inclusion)، والذي يتجلى في مبادرات الحكومة لتدريب النساء على المهارات الرقمية وتحفيزهن لمتابعة مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. حيث تشير بعض الإحصائيات إلى أن حوالي ثلث القوى العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البحرين من النساء، وحوالي 20% من مؤسسي الشركات الناشئة من النساء، وهو أعلى من المتوسط العالمي. ونظراً للتمثيل المنخفض تقليدياً للمرأة في قطاع التكنولوجيا العالمي، فإن تشجيع البحرين لمشاركة المرأة يعد خطوة جذرية نحو تحقيق مساواة أكثر توازناً بين الجنسين.
- أهمية بيئة العمل الداعمة التي تمنح المرأة إجازة أمومة ممتدة، بما يضمن التوازن بين حياتها المهنية والشخصية.
- تنفيذ سياسات التوظيف والترقية يلعب دورًا مهمًا في تمكين المرأة من النجاح والتقدم في حياتها المهنية.
ومع ذلك، لا بد من معالجة بعض التحديات القائمة في المنطقة العربية بشكل عام لضمان تحقيق تقدم دائم. ومن ذلك استمرار التوقعات بأن على المرأة أن تقوم بأدوار تقديم الرعاية. في هذا الإطار، يلعب القطاع الخاص دوراً رئيسياً في تحسين وضع المرأة وزيادة تمكينها حيث إن النتائج جيدة بالفعل في القطاع العام.
وتشير بعض الإحصائيات إلى أن النساء في البحرين تشكل حوالي54% من القوى العاملة في القطاع العام، و45% من المناصب القيادية في أجهزة الدولة الرسمية. بينما في القطاع الخاص، تشكل النساء 35% من القوى العاملة، ويشغلن 17% من مقاعد مجالس الإدارة.
وأيضا، فإن فجوة الأجور بين الجنسين في البحرين بارزة في القطاع الخاص وضعيفة في القطاع العام.
في البحرين
بعد جولتنا مع الاقتصاديين والمصرفيين، ننتقل إلى رجال وسيدات الأعمال لمناقشة هذا الموضوع، وبداية الجولة مع رئيسة جمعية سيدات الأعمال البحرينية السيدة أحلام جناحي التي تؤيد ما أشار إليه تقرير البنك الدولي مبررة ذلك بأن سد الفجوة بين الجنسين يعني مزيدا من دخول المرأة إلى سوق العمل وخلق فرص إضافية لها، وهو بالتالي سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني ويرفع من الناتج المحلي، ويزيد من المنافسة في السوق ويحفز على النمو.
* أكد التقرير أن النساء في المتوسط لا يتمتعن إلا بنسبة 64% من الحماية القانونية التي يحظى بها الرجال في كل دول العالم. في رأيك ما الأسباب في ظل الجهود التي تبذل في هذا الإطار؟
** لا شك أن هناك عقبات تواجهها النساء عند دخول سوق العمل بشكل عام وعلى المستوى العالمي قبل المحلي، تشمل حواجز تحول دون بدء أنشطة أعمال، والفجوات المستمرة في الأجور، وحظر العمل ليلا أو في وظائف تعد «خطيرة». والتقرير أكد بالفعل أن النساء يحصلن بالكاد على ثلث الحماية القانونية اللازمة من العنف المنزلي والتحرش الجنسي وزواج الأطفال وقتل النساء في الدول التي شملتها الدراسة.
3- ماذا عن الدول المتقدمة والثرية التي أكد التقرير أنها هي الأخرى لا تتوفر فيها الفرص الحقيقية للمرأة؟
* أعتقد أن الفجوة تكمن في سوق العمل نفسه وفي الفرص المتاحة، لأن التقرير أكد في محتواه أن نصف النساء بالكاد يشاركن في القوى العاملة على مستوى العالم، مقارنة بنحو ثلاثة من كل أربعة رجال.، وأن هذا ليس ظلما فحسب، بل إنه هدر للموارد والقدرات، فالبلدان ببساطة لا يمكنها تحمل تكلفة تهميش نصف سكانها.
وأنا أتوافق مع هذا الرأي، المرأة وخاصة في البحرين لديها قدرات متميزة وشغوفة بالعمل وأعتقد أنه يجب مساعدتها على المضي قدما في هذا الصدد.
* على المستوى المحلي وبصراحة.. أين موقع البحرين في جهود سد الفجوة؟ وما أبرز التحديات الموجودة بهذا الشأن؟
** موقع البحرين متميز وجهودها كبيرة في هذا الإطار، وجميع الأرقام والمؤشرات التي تصدر عن الجهات المسؤولة في البحرين تؤكد هذه الحقائق. فالمملكة تبذل جهدا كبيرا في ملف سد الفجوة والتوازن بين الجنسين، كما أن دستور المملكة أفرد الكثير من المبادئ الدستورية الداعمة لدور المرأة التنموي، وجمع بين ثلاث ركائز أساسية، وهي الحرية والمساواة والأمن، ومنح المرأة البحرينية حقوقا غير مسبوقة وتجاوز التحديات المتعلقة بهذا الشأن بفضل رؤية جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة، وتنفيذ الرؤية من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والجهود الكبيرة للمجلس الأعلى للمرأة في البحرين برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة.
لذلك في الوقت الذي أشار التقرير إلى أن 35 دولة فقط لديها تدابير أو آليات لمعالجة فجوة الأجور، نعتقد نحن أن البحرين واحدة من هذه الـ 35 دولة إن لم تكن في مقدمتها. لأن هناك قوانين أقرت وخطط درست ووضعت على رأسها الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية التي يتفق مضمونها مع 64% من مؤشرات أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمرأة عالميا.
كما «أن البحرين حريصة على مواءمة الاستراتيجية التنفيذية للخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية للفترة 2023-2026 مع توجهات وتطلعات برنامج العمل الحكومي، والأولويات الرئيسية للمملكة حاليا تتمثل في رفع مساهمات المرأة في سوق العمل وحصتها ضمن الناتج الوطني، بما في ذلك تشجيع المرأة على ريادة الأعمال الحرة التي تلبي احتياجات السوق، وتعزيز التوازن بين الجنسين في المناصب العليا في قطاعات العمل الواعدة والمرتبطة بعلوم المستقبل وفي مجالس إدارة الشركات الكبرى، بالإضافة إلى استثمار مميزات التطور التقني والتحول الرقمي لصالح المرأة العاملة للحفاظ على استقرارها الوظيفي ومجالات ترقيها، وبالتالي استدامة حضورها كشريك فاعل في التنمية الوطنية».
كما تمكنت البحرين من بناء شراكات رفيعة المستوى على المستوى الإقليمي والدولي والعالمي كشريك متكافئ في كثير من قضايا وشؤون المرأة ومن بين ذلك إطلاق جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة، بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، لدورتين متتاليتين.
الدول المتقدمة.. ليست معيارا
«ما جاء في تقرير البنك الدولي واقعي وبديهي نلمسه في واقعنا»
هذا ما أكده رجل الأعمال نبيل أجور الذي يشير إلى أن سد الفجوة بين الجنسين وتحقيق المساواة في كل المجالات له تبعاته الإيجابية على الأعمال ومن ثم على الاقتصاد وعلى الناتج المحلي، لافتا إلى أن تجربة البحرين تعد رائدة في هذا الجانب، حيث أثبتت المرأة أنها قادرة على المساهمة بقوة في الإنتاجية والإبداع والابتكار. وآخر الإنجازات التي حققتها المرأة هو انتخاب السيدة هالة يتيم كأول رئيسة مجلس إدارة لبنك في البحرين وهو بنك البحرين الوطني. وهي خطوة رائدة تضاف إلى ما حققته المرأة في البحرين من خطوات لافتة في ظل القيادة الرشيدة ودعم صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة.
وأضاف: عندما ننظر إلى قطاع البنوك مثلا، نرى أنه يضم موظفين وقياديين من الجنسين، ولكل منهم إبداعاته وتميزه وخبراته. وعندما تحدث الممازجة بين هذه الخبرات والمواهب، يكون الأداء أفضل بكل تأكيد، على عكس الوضع لو اقتصرت أي مؤسسة في مناصبها القيادية مثلا على فئة معينة.
وبالتالي يمكن القول إن تحقيق معايير المساواة وسد الفجوة بين الجنسين يعد عاملا أساسيا في الارتقاء بأي عمل ومن ثم بالإنتاجية والجوانب المالية، خاصة وأن المرأة أثبتت أنها قادرة على المنافسة وأنها ند قوي. وهذه المنافسة العادلة والشريفة ترفع من مستوى الإنتاجية وترتقي بالأداء، لأن إتاحة الفرصة للجميع يخلق نوعا من التسابق والتنافس لإثبات النفس والإنتاجية والعطاء. في حين أننا وللأسف مازلنا نجد بعض المجتمعات والدول تعطي فرصا ومناصب أكبر للرجال. ووجود الفجوة بين الجنسين يعني حرمان مختلف القطاعات الاقتصادية من إبداعات وخبرات نسائية قادرة على دعم الاقتصاد.
* ولكن التقرير يؤكد أنه حتى الدول الثرية والمتقدمة لا تتوفر فيها الفرص الحقيقية والمتساوية للمرآة؟
** لا أدرى لماذا علينا أن نفترض دائما أن الدول المتقدمة هي المعيار النموذجي والمثالي في كل الجوانب؟! فليس من الضروري أن تكون نموذجا يحتذى في كل شيء. نعم لا ننكر أنها كانت الأسبق والأقدم في اتخاذ كثير من الخطوات مثل تقليص الفجوات، ولديهم خبرتهم الطويلة في هذا الجانب، ولكن من الطبيعي أن لكل تجربة أخطاءها. وهنا يمكن للكثير من الدول الناهضة أن تستفيد من تجربة تلك الدول وتطورها مع تجاوز الأخطاء والبناء على ما تحقق، وهنا يمكنها أن تحقق نتائج أفضل حتى من الدول المتقدمة.
من واقع التجربة
من واقع خبرته في هذا الجانب، يحدثنا رجل الأعمال والمستشار والخبير في مجالات الريادة والابتكار والاستراتيجية. سهيل القصيبي، مؤكدا أنه من المنطقي أن يكون لتقليص الفجوة بين الجنسين خاصة في الأجور في بيئات العمل والمؤسسات في أي دولة، انعكاساته الإيجابية على القدرة الشرائية والإنتاجية لدى فئة كبيرة من أفراد المجتمع، وبالتالي ينعكس ذلك أيضا على الناتج المحلي وينمو الاقتصاد بشكل مطرد.
ويضيف القصيبي: تطرق تقرير البنك الدولي إلى نواح عدة فيما يتعلق بسد الفجوة، وهذا ما يشمل الجوانب القانونية والمجتمعية وغيرها، ولكني كصاحب عمل أركز هنا بشكل أساسي على سد الفجوة في جانب الأجور. فشخصيا أعتبر أنه يجب أن يعتمد الراتب على الأداء والكفاءة والخبرة والقيمة المضافة التي يقدمها الفرد للشركة وليس على أساس جنس الموظف.
لذلك لم يحدث يوما أن نظرنا في شركتنا مثلا عند تقدير الراتب إلى جنس الموظف رجلا كان أو امرأة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الترقيات والمزايا والعلاوات والمكافآت. فالأداء والكفاءة هو المعيار من دون أي تمييز. وقد أثبتت تجربتنا أن ذلك ينعكس بشكل كبير على الأداء وعلى الإنتاجية. واللافت هنا أن المرأة قادرة فعلا على إثبات نفسها والارتقاء بالعمل وبالتالي تحقيق نتائج مالية واقتصادية أفضل للمؤسسة.
فمثلا في أحد الأعمال التي أسستها قبل سنوات، كانت جميع المناصب القيادية في المؤسسة خلال فترة من الفترات من النساء، سواء المدير العام أو مسؤولات فرق العمل أو رئيسات الأقسام وغيرها، ولم يكن هذا بشكل مقصود أو مخطط، وإنما تم اختيارهن بناء على الكفاءة والخبرة. وفعلا في هذه الفترة تميزت المرأة بكفاءة لافتة واستطاعت أن تحقق نتائج مميزة. وهذا ما يؤكد أن تحقيق المساواة وسد الفجوات يسهم في الارتقاء بالعمل ومن ثم بالاقتصاد.