فشلت أميركا في توفير فرص متساوية للملونين في المناصب السياسية المنتخبة… فما السبب؟
على الرغم من أن الأميركيين لم ينتخبوا سوى رئيس ملون واحد فقط على مدى نحو 250 سنة وهو باراك أوباما عام 2008، فإن الرؤساء الأميركيين حرصوا خلال العقود الأخيرة على تعويض نقص تمثيل الملونين في المناصب المنتخبة من خلال منحهم مناصب في الحكومة الفيدرالية تعادل نسبتهم في المجتمع الأميركي، حيث منحهم الرئيس الحالي جو بايدن 40 من المناصب العليا في إدارته والتي تعادل تقريبا النسبة التي منحها أوباما لهم، في حين كانت هذه النسبة في عهد جورج دبليو بوش 36 في المئة، وفي عهد دونالد ترمب 20 في المئة، ليظل الرقم القياسي محفوظاً للرئيس بيل كلينتون حيث بلغت نسبة تمثيل الأقليات من الملونين 43 في المئة، وفقاً لتحليل معهد بروكينغز.
لكن إدارة بايدن تميزت بأن ثاني أعلى منصب في السلطة التنفيذية، شغلته أول امرأة في تاريخ البلاد، وهي “كامالا هاريس” التي كانت أيضاً أول امرأة ملونة من أم هندية وأب جامايكي، كما تم تعيين ستة من غير البيض بين أعلى 15 منصباً في حكومة بايدن عام 2021 وهي تلك الموجودة في خط خلافة الرئاسة، ومنهم أول وزير دفاع أسود هو لويد أوستن، وأول وزير من الأميركيين الأصليين ديب هالاند الذي يشغل منصب وزير الداخلية المسؤول على الأراضي والغابات والمتنزهات الوطنية، وثلاثة من أصل لاتيني شغلوا مناصب وزير الأمن الداخلي، ووزير التعليم ووزير الصحة.
ديمقراطية مشوهة
لكن خارج هذا الاستثناء في مناصب التعيين الرئاسية والفيدرالية، تظل صورة الديمقراطية الأميركية مشوهة بسبب نقص تمثيل غير البيض في المناصب المنتخبة على كافة المستويات، من أعضاء الكونغرس الأميركي ومنصب الرئيس نفسه، إلى المحكمة العليا والمناصب القضائية، وحتى على مستوى الولايات في المجالس التشريعية ومناصب الحكام وعُمد المدن، حيث لا يزال تمثيل الأميركيين الملونين (غير البيض) غير متناسب إطلاقاً من نسبتهم من عدد سكان الولايات المتحدة.
ووفقاً لأحدث أرقام مكتب الإحصاء الأميركي، يشكل الأميركيون البيض 59.3 في المئة من السكان، بينما يشكل اللاتين (المنحدرين من بلدان أميركا اللاتينية) 19.1 في المئة، في حين يستحوذ السود أو الأميركيين من أصل أفريقي على 13.6 في المئة من السكان، والآسيويون على 6.3 في المئة، والأميركيون الأصليون وسكان ألاسكا الأصليين على 1.3 في المئة، وسكان هاواي الأصليين وجزر المحيط الهادئ الأخرى 0.3 في المئة.
الكونغرس الأميركي
ومع ذلك، يظل الأميركيون البيض يستحوذون على الغالبية العظمى من المناصب المنتخبة في الولايات المتحدة، ويؤدي هذا الافتقار للتمثيل العادل إلى التأثير سلباً في الناخبين والحياة بشكل عام، لأن خلفيات الشخصيات المنتخبة في الكونغرس مثلاً، وتجاربهم الحياتية يمكن أن تؤثر في خياراتهم وأولوياتهم والقضايا التي يعتقدون أنها الأكثر أهمية، وفقاً لما كتبه جيرمان لوبيز لموقع فوكس.
وعلى سبيل المثال، يقوم المشرعون الأميركيون من أصل أفريقي واللاتين، الذين هم ممثلون تمثيلاً ناقصاً في الكونغرس نسبة إلى سكان الولايات المتحدة، بعمل أفضل في تمثيل ناخبيهم من الأميركيين من أصل أفريقي واللاتين مقارنة بالمشرعين البيض من خلال كونهم أكثر اهتماماً بمخاوفهم وأكثر تحفيزاً لتعزيز مصالح الأميركيين السود واللاتين.
وبرغم التحسن البطيء في تمثيل الأقليات العرقية من الملونين في الكونغرس الحالي رقم 118 بما جعله الأكثر تنوعاً من الناحية العرقية بوجود 133 مشرعاً على أنهم من السود، أو اللاتين، أو أميركيين آسيويين، أو السكان الأصليين، إلا أن هؤلاء المشرعين لا يشكلون جميعاً سوى ربع أعضاء الكونغرس (28 في المئة من مجلس النواب و12 في المئة من مجلس الشيوخ، وفقاً لتحليل مركز بيو للأبحاث للبيانات الصادرة عن خدمة أبحاث الكونغرس.
المحاكم الأميركية
بوجود ثلاثة قضاة فقط من الأقليات العرقية، فإن المحكمة العليا بالولايات المتحدة ليست أفضل من الكونغرس في عكس المشهد الأميركي، إذ يمثل هؤلاء 33 في المئة من قضاة المحكمة العليا، وعلى مدى تاريخ المحكمة، فإن الافتقار إلى قضاة من الأقليات العرقية والإثنية يثير الانتباه لأنه من بين 115 شخصاً شغلوا أعلى منصب في البلاد، كان هناك أربعة فقط من القضاة الملونين.
وبالنظر إلى المحاكم الفيدرالية ككل بما في ذلك محاكم الدوائر والمقاطعات، فإن تمثيل الأقليات العرقية والإثنية لا يعكس سكان الولايات المتحدة