الخليج الاقتصادي

تقرير يشير إلى وجوب تعزيز دول التعاون الخليجي لسلاسل الإمداد من أجل حماية نمو قطاعاتها الصناعية

سلطت‭ ‬أوليفر‭ ‬وايمان،‭ ‬شركة‭ ‬الاستشارات‭ ‬الإدارية‭ ‬العالمية‭ ‬وإحدى‭ ‬شركات‭ ‬مارش‭ ‬ماكلينان‭ ‬ورمزها‭ ‬في‭ ‬بورصة‭ ‬نيويورك‭ (‬MMC‭)‬،‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬جديد‭ ‬لها‭ ‬حمل‭ ‬عنوان‭:‬‮ «‬متانة‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬الصناعية‭: ‬استعداد‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وسط‭ ‬الاضطرابات‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬متانة‭ ‬سلاسل الإمداد‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬نمو‭ ‬قطاعاتها‭ ‬الصناعية‭.‬

أبرزت‭ ‬بعض‭ ‬الأحداث‭ ‬العالمية‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬مثل‭ ‬جائحة‭ (‬كوفيد19‭-) ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬بسبب‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬ومخاطر‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬والتحديات‭ ‬اللوجستية‭ ‬والتوترات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬نقاط‭ ‬ضعف‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬العالمية‭.‬

ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬كون‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬محركاً‭ ‬أساسياً‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الاضطرابات‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬تراكمي‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬ذات‭ ‬الأهمية‭ ‬الكبيرة‭ ‬للصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬والأمن‭.‬

على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي،‭ ‬فإن‭ ‬انحصار الموارد‭ ‬والأنشطة‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬محددة‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬التكامل‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬تتسم‭ ‬به‭ ‬معظم‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬الصناعية،‭ ‬يعني‭ ‬بأن‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬منطقة‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬بسرعة‭ ‬في‭ ‬تدفق‭ ‬البضائع‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬كله‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬المعادن‭ ‬الحرجة،‭ ‬تقوم‭ ‬الكونغو‭ ‬بتوفير‭ ‬68%‭ ‬من‭ ‬الاحتياج‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬الكوبالت،‭ ‬فيما‭ ‬توفر‭ ‬تشيلي‭ ‬23%‭ ‬من‭ ‬النحاس‭ ‬العالمي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬معادن‭ ‬الأرض‭ ‬النادرة‭ ‬الـ17‭ ‬وتمثل‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬الإمداد‭ ‬العالمي‭.‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬تُشَكل‭ ‬اضطرابات‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬تحدياً‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬اللتين‭ ‬تشهدان‭ ‬تنمية‭ ‬صناعية‭ ‬كبرى‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المدخلات‭ ‬الرئيسية‭. ‬وتتمثل‭ ‬الاضطرابات‭ ‬المحتملة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬هاتين‭ ‬الدولتين‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الآلات‭ ‬والمكونات‭ ‬مثل‭ ‬المحولات‭ ‬ومعدات‭ ‬تحلية‭ ‬المياه‭ ‬والمعادن‭ ‬الحرجة‭.‬‮ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬توفير‭ ‬العناصر‭ ‬الأساسية‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬يواجه‭ ‬حالياً‭ ‬قيوداً‭ ‬على‭ ‬الإمداد‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الأجهزة‭ ‬والمعدات‭ ‬الكهربائية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استيرادها‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬60%‭ ‬و65%‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬يتم‭ ‬استيرادها‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬فقط‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬آلات‭ ‬الحفر‭ ‬والصمامات،‭ ‬فإن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬تستوردان‭ ‬50%‭ ‬و55%‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬فقط‭.‬

وقال فريدريك‭ ‬عزير،‭ ‬شريك‭ ‬ورئيس‭ ‬قطاعات‭ ‬التصنيع‭ ‬والسيارات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الهند‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا‭ ‬–‭ ‬أوليفر‭ ‬وايمان‭: ‬‮«‬مع‭ ‬توسيع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬لخطط‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭ ‬بما‭ ‬يشمل‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي،‭ ‬فمن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بمضاعفة‭ ‬المبادرات‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬متانة‭ ‬سلسلة‭ ‬الإمداد‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬تواصل‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬حدوث‭ ‬اضطرابات‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‮»‬‭. ‬وبذلت‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬جهوداً‭ ‬ملموسة‭ ‬لتعزيز‭ ‬متانة‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد،‭ ‬إذ‭ ‬قامت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬بإطلاق‭ ‬المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬لسلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ترسيخ‭ ‬مكانة‭ ‬المملكة‭ ‬كموقع‭ ‬مختار‭ ‬للشركات‭ ‬الصناعية‭ ‬العالمية‭ ‬الرائدة‭ ‬واستقطاب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭. ‬من‭ ‬جانبها‭ ‬تركز‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬الغذائية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬الإنتاج‭ ‬الغذائي‭ ‬المحلي،‭ ‬وتأسيس‭ ‬مراكز‭ ‬لوجستية‭ ‬جديدة،‭ ‬ونشر‭ ‬الحلول‭ ‬التقنية‭.‬

‮ ‬ويوصي‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬باتخاذ‭ ‬خمسة‭ ‬إجراءات‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬متانة‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد،‭ ‬وهي‭: ‬وضع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬لتعزيز‭ ‬متانة‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬تتكامل‭ ‬مع‭ ‬الأجندة‭ ‬الصناعية‭ ‬الوطنية؛‭ ‬ووضع‭ ‬إطار‭ ‬تعاوني‭ ‬للحوكمة‭ ‬يشرك‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية؛‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬كشريك؛‭ ‬وبناء‭ ‬قدرات‭ ‬متانة‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد؛‭ ‬وتشجيع‭ ‬تبني‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سياسات‭ ‬التصنيع‭ ‬المتقدمة‭.‬

‮ ‬واختتم‭ ‬عزير‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬متانة‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬حلول‭ ‬واحدة‭ ‬لكل‭ ‬الحالات‭. ‬يجب‭ ‬تطبيق‭ ‬أدوات‭ ‬تعزيز‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬مثل‭ ‬التوطين‭ ‬والشراكات‭ ‬وأدوات‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬الحرجة‭ ‬والخاصة‭ ‬بالمنتجات‭ ‬ذات‭ ‬الأهمية‭ ‬والمخاطر‭ ‬المرتفعة‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬لمقاربات‭ ‬أكثر‭ ‬شمولية‭ ‬لمتانة‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد،‭ ‬فإنها‭ ‬ستكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬النمو‭ ‬الصناعي‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬الدائمة‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‮»‬‭.‬

علق على الخبر بحسابك بالفيسبوك
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى