مخاوف من قمع الأصوات المؤيدة للفلسطينيين في أوروبا
في ظلّ استقطاب شديد في الآراء حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كشفت عدّة منظمات غير حكومية لوكالة فرانس برس عن مخاوف من «قمع» الأصوات المؤيّدة للقضية الفلسطينية في أوروبا، إثر إلغاء فعاليات وملاحقات بحقّ مفكّرين ونشطاء.
وقالت جوليا هال الباحثة في «منظمة العفو الدولية» إن «القوانين حول خطاب الكراهية ومكافحة الإرهاب تُستغلّ لمهاجمة» الأصوات المؤيّدة للفلسطينيين.
وأشارت إلى أن أوروبا شهدت «سيلا من الإلغاءات وعمليات استهداف متظاهرين سلميين وأكاديميين وكلّ شخص هو في الأساس متضامن مع الحقوق الإنسانية للفلسطينيين أو ينتقد دولة إسرائيل».
وأسفرت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عن استشهاد 34356 شخصا، معظمهم من الأطفال والنساء.
وفي هذه الأجواء المحمومة غالبا ما تُتّهم الأصوات المؤيّدة للفلسطينيين بالتساهل مع حماس وبمعاداة الصهيونية بشدّة أو حتّى بمعاداة السامية.
وأسهمت زلّات لوحظت خلال تظاهرات مؤيّدة للفلسطينيين والالتباس الذي لطالما خيّم على موقف اليسار الراديكالي الذي وصف هجمات حماس بفعل «مقاومة» في تغذية هذه الاتّهامات.
والنقاش حاضر بقوّة في الولايات المتحدة حيث أوقف مئات الطلاب في الأحرام الجامعية التي اعتصموا فيها للاحتجاج على الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل والكارثة الإنسانية في غزة، وذلك في خضمّ السباق الانتخابي إلى البيت الأبيض.
وفي الاتّحاد الأوروبي اتّخذت 12 دولة على الأقلّ «تدابير غير متكافئة، بما في ذلك حظر تظاهرات على أساس خطر ظاهر على (الأمن العام) و(الأمن)»، وفق ما جاء في تقرير للمنتدى المدني الأوروبي (ECF) ومقرّه بروكسل.
ويعزى هذا «القمع للتضامن مع الفلسطينيين» إلى «الدعم الكبير» الذي توفّره أوروبا لإسرائيل والمرتبط بالمحرقة اليهودية، بحسب أرتي نارسي من المنتدى المدني الأوروبي.
وفي فرنسا التي تضمّ أكبر جالية لليهود وللمسلمين على السواء على صعيد أوروبا والتي تخشى ارتدادات الحرب عليها كثّفت السلطات من تدابيرها، مع حظر تظاهرات مؤيّدة للفلسطينيين وإلغاء مؤتمرات وتوجيه الشرطة مذكّرة استدعاء بحقّ شخصيتين سياسيتين من اليسار الراديكالي على خلفية «تحميد الإرهاب».
وفي ألمانيا حُظر قدوم وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس في منتصف أبريل «بغية منع أيّ دعاية معادية للسامية ولإسرائيل»، بحسب السلطات الألمانية. وأوقفت الشرطة فعاليات «المؤتمر الفلسطيني» الذي كان من المفترض أن يشارك فيه، بعد ساعة على انطلاقها.
والوزير اليوناني كما الكاتبة الفرنسية آني إرنو الحائزة جائزة «نوبل» هما في مرمى الرئيس المحافظ للبرلمان النمساوي فولفغانغ زوبوتكا الذي يطالب بسحب الدعوة الموجّهة لهما إلى المهرجان الفني «أسابيع فيينا الاحتفالية».
ويرفض المدير الفني للمهرجان ميلو راو الإذعان لهذا الطلب، معتبرا أن نعت الكاتبة بـ«معادية للسامية» هو «عبثي بالدرجة عينها» مثل اعتبارها «معادية لفرنسا» لأنها تنتقد حكومة بلدها.
وفي فرنسا اعتمدت السلطات «نظاما إداريا قضائيا» يستهدف «الأشخاص الذين يعربون عن الدعم للفلسطينيين»، في حين أنه لا يطول هؤلاء «الداعمين لإسرائيل»، بحسب المحامي أرييه حليمي العضو في رابطة حقوق الإنسان. وهو وضع «مؤسف» في نظر المحامي الذي ألّف كتاب «يهودي، فرنسي، من اليسار… في الفوضى»، إذ إن «النضال ضدّ العنصرية ومن أجل القضايا الإنسانية ينبغي أن يبقى دوما غير قابل للتجزئة».