تريندات

500 مليار دولار خبأها القذافي في حسابات سرية بدولة أجنبية .. تعرف عليها

كشف السفير الليبي السابق في كندا فتحي البعجة عن وجود مليارات الدولارات خبأها الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في حسابات مصرفية كندية بطريقة سرية، ليفتح من جديد هذا الملف المليء بالغموض والفساد، والذي يربطه كثير بإطالة زمن الفوضى الممنهجة في ليبيا من قوى محلية ودولية تعمل على نهب الثروات الفلكية التي تركها القذافي مبعثرة في بنوك العالم بعد أربعة عقود من حكمه البلاد النفطية.

 

ومما يعزز الشكوك في خصوص مصير أرصدة القذافي الخارجية السري منها والمعلن هو تضارب الأرقام عن حجم هذه الأرصدة وأماكن وجودها، والتي تتراوح بحسب التقديرات الكثيرة المصادر بين 200 و500 مليار دولار بين سيولة نقدية واستثمارات مختلفة الأشكال.

 

أرصدة سرية

 

وبحسب التصريحات الجديدة للسفير الليبي الأسبق في كندا فتحي البعجة لموقع “غلوبال آند ذي ميل” الكندي، فإنه “يحتفظ بوثائق سرية تحوي تفاصيل مالية عن أرصدة سرية للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في كندا”، قائلاً إنه “سيحمي هذه الوثائق ويحفظها إلى أن تكون لليبيا حكومة منتخبة ديمقراطياً ليسلمها إليها”.

 

ورفض السفير الليبي السابق في كندا (2013 – 2017) تسليم نسخ من الوثائق للموقع الكندي، أو تحديد القيمة الكاملة التي أكد أنها مليارات من دون ذكر رقم معين خبأها القذافي في حسابات خاصة بالبنوك الكندية.

 

كما بين البعجة أنه “ينوي حماية تلك السجلات المالية في ليبيا خوفاً من وقوعها تحت طائلة الفساد، وتسليمها بعد انتخاب حكومة جديدة عبر انتخابات ديمقراطية في البلاد”.

 

وألقى الوضع الأمني الهش في ليبيا، بحسب البعجة، عليه مسؤولية منع وقوع تفاصيل تلك الأصول المالية في الأيدي الخاطئة بما في ذلك المجموعات المسلحة الليبية، وقال “لا يمكنني تسليمها لأية جهة باستثناء حكومة منتخبة تكون قانونية ومسؤولة أمام الشعب”.

 

وتابع، “هناك تفاصيل مالية في هذه الوثائق مثل أرقام الحسابات وغيرها من المعلومات المهمة”.

 

تحرك ليبي

 

من جانبه ذكر موقع “غلوبال آند ذي ميل” أنه بعد قرار مجلس الأمن تجميد الأموال الليبية أعلنت كندا في مارس (آذار) 2011 تجميد أصول ليبية تقدر بنحو 2.3 مليار دولار تعود ملكيتها للقذافي وعائلته والحكومة الليبية، لكنها ظلت تحت طائلة انتقادات دولية بسبب فشلها في العثور على كثير من الأموال وتجميدها، إضافة إلى التساهل في تطبيق العقوبات العالمية.

 

ويبدو أن نشر الموقع الكندي لهذا الخبر حفز سريعاً السلطات الليبية للتحرك والتنقيب عن الحسابات السرية للقذافي في البنوك الكندية وتجميدها وحفظها على أقل تقدير، قبل أن تتلاشى كما تلاشت أرصدة ليبية كثيرة في بنوك عالمية خلال العقد الماضي، بحسب تقارير دولية ومحلية متواترة.

 

وفي السياق التقى مدير مكتب استرداد أموال الدولة الليبية وإدارة الأصول المستردة محمد المنسلي السفيرة الكندية لدى طرابلس إيزابيل سافارد الجمعة الماضي للمرة الثانية خلال أسابيع قليلة، لبحث “الاستراتيجيات لاسترداد الأصول الليبية في كندا وإدارتها لمصلحة الشعب الليبي”، بحسب حساب المكتب الرسمي، وكان مكتب استرداد أموال الدولة الليبية وإدارة الأصول المستردة تأسس عام 2017 بدعم من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 

نشاطات مريبة

 

ومع أن الهدف الرئيس لتأسيس المكتب المذكور هو ملاحقة الأرصدة الليبية في الخارج وإرجاعها لحسابات الدولة الليبية، إلا أن حصيلة نجاحاته بعد ستة أعوام من تأسيسه تبدو مخيبة وضعيفة في أقل تقدير، بل إن تحقيقات للنائب العام الليبي الصديق الصور عام 2021 أظهرت فساداً كبيراً في الإدارة السابقة لمكتب استرداد الأموال، قادت رئيسه الأسبق إلى السجن، كما أظهرت التحقيقات أيضاً ارتباطاً وثيقاً بين شبكات مشبوهة محلية ودولية للاستفادة من بعض الأرصدة الليبية في الخارج.

 

وذكر بيان لمكتب النائب العام وقتها أن “رئيس مكتب استرداد الأموال الليبية في الخارج محمد رمضان قام بإبرام عقود مع شركات تنشط في مجال تتبع الأموال، وأخرى تختص بتمويل هذا التتبع، كما صرح لها بطلب الاطلاع على الحسابات المصرفية العائدة للدولة الليبية بالمخالفة للتشريعات المنظمة لإجراءات تعاقد جهة الإدارة من دون علم السلطات الثلاث في الدولة”.

 

وانتهت النيابة العامة عقب استجوابه إلى الأمر بحبسه احتياطاً لـ “ارتكابه جريمة الإضرار بالمصلحة العامة وإساءة ممارسة الوظيفة لأجل تحقيق نفع للغير”.

 

حسابات خفية

 

ولا يعرف تحديداً حجم الأموال التي خبأها القذافي في شبكة حسابات سرية في بنوك دولية كثيرة ولا حتى أماكنها ، وحتى التقديرات المتداولة بخصوص حجم هذه الأرصدة تبقى متضاربة بصورة محيرة.

 

أحد هذه التقديرات ورد في وثائق مقدمة إلى المحكمة الجزئية الأميركية للمنطقة الجنوبية لنيويورك، غير بعيد من سقوط نظام القذافي ومقتله، وتقول إن “رئيس ليبيا الراحل استولى مع أقاربه وعملائه على ما يصل إلى 200 مليار دولار من أموال الشعب الليبي بين عامي 1969 و2011، وربما أخفى أكثر من 40 مليار دولار من تلك الأصول خارج ليبيا”.

 

قليل من كثير

 

وإذا كان هذا المبلغ الوارد في الوثائق الأميركية يبدو ضخماً فإن تقديرات السلطات الليبية لتركة القذافي الضائعة في بنوك الولايات المتحدة وحدها يظهر أن هذا الرقم قليل من كثير، إذ لجأت الحكومة الليبية إلى القضاء الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021 لمعرفة مصير 100 مليار دولار أخفاها العقيد الراحل وعائلته وشركاؤه، ولم يظهر لها أثر حتى اليوم.

 

وخلال تلك الفترة ذكر مكتب استرداد أموال الدولة الليبية وإدارة الأصول المستردة في طلب استدعاء بمحكمة مانهاتن الفيدرالية الأمريكية أن “هذه الأموال حولت من خلال ستة مصارف أميركية كبرى، مضيفاً أن “عشرات المليارات من الدولارات من الأصول المملوكة للشعب لا تزال مفقودة إلى الآن”، ومشدداً على أن “هذا الجهد قد يصبح أكبر استرداد دولي للأصول في التاريخ”.

 

مطاردة صعبة

 

وعلى رغم الجهود الليبية المضنية المبذولة حتى الآن للكشف عن قيمة وأماكن الحسابات السرية للقذافي وعائلته وحاشيته المقربة خلال فترة حكمه، إلا أن هذه المطاردة قد تفضي إلى طريق مسدود بحسب المؤشرات الحالية في الأقل، وما تحقق من نتائج بعد هذه الأعوام من البحث الشاق، وهو ما أشار إليه تقرير صدر عن مجلة “فانيتي فير” الشهرية الأميركية الشهر الماضي وألمح إلى صعوبة إيجاد أرصدة القذافي السرية لأن “هناك كميات كبيرة من المال مخبأة بطرق سرية وبإدارة موالين له ولقبيلته بطريقة تسمح لهم بإنكار هوية المالك الحقيقي”.

 

وأوضحت المجلة أن “ملاك هذه الأموال المخفية هم من رجال المخابرات والمقربين من القذافي وأفراد لا يتوقع أنهم يملكون ثروة، مثل نادل في مطعم على البحر كان أبناء القذافي يرتادونه، وانهارت الشبكة التي أقامها بدقة لتجنب العقوبات عند وفاته عام 2011، فقام الأفراد الذين وضعت الأرصدة بأسمائهم بتحويلها لأغراضهم الخاصة، بمن فيهم شخصيات وقفت مع المعارضة”.

 

 

علق على الخبر بحسابك بالفيسبوك
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى