موسم جدة يستضيف «مونيه» صديق الطبيعة
يستضيف موسم جدة الرسام الفرنسي” كلو مونيه”؛ بوصفه أحد أهم الرسامين عبر التاريخ، الذي أسس المدرسة الفنية الانطباعية من خلال إقامة معرض” تخيل مونيه” التفاعلي، الذي يعد الأضخم؛ إذ يحوي 200 لوحة، ويقدم تجربة فنية فريدة تجمع بين أصالة الفن وتطور التقنية الحديثة، وسط أجواء تحاكي لوحات مونيه.
وتبدأ سلسلة المعرض بلوحة” انطباع شروق الشمس” (1872) الشهيرة، ويختتم بـ” زنابق الماء” (1914- 1926)، وتمثل أقسام المعرض رحلة عبر الزمن لاستكشاف عبقرية الفنان وفهمه العميق للضوء واللون؛ كونه يُقدم تجربة أصيلة لمحبي الفن الأصيل، حيث صمم المعرض (غرفة اكتشاف) بمثابة رحلة تعليمية، تبدأ باللوحات المعروضة قبل الدخول إلى فضائه، وإتاحة الرؤية بزاوية 360 درجة للوحات الفنية، إلى جانب تجربة سمعية بصرية مبتكرة باستخدام تقنية Image Totale.
وكان مونيه قد تفوق على عدد من المصاعب؛ منها عائق إصابته بمرض إعتام عدسة العين، فنحت اسمه في تاريخ الفن التشكيلي، الذي اشتُق اسم المدرسة الانطباعية من لوحته” انطباع شروق الشمس”.
وزخرت مسيرة مونيه الفنية بآلاف اللوحات؛ من أبرزها” نساء في حديقة” سنة 1867، و” الزهور والفواكه” سنة 1869، و” زنابق الماء الأبيض” سنة 1899، كما بيعت بعض لوحاته بأسعار خيالية، وصنّفت ضمن قائمة أغلى اللوحات الفنية بالعالم؛ مثل لوحة Le Bassin Aux Nymphéas التي رسمت ما بين عامي 1913، و1917، ولوحة” كومة الحبوب”.
واشتهر مونيه في فرنسا وأوروبا؛ كأحد رواد الحركة الانطباعية، التي كانت أول حركة فنية رائدة في القرن التاسع عشر، والتي ركّزت على المواضيع المستوحاة من الأساطير القديمة والتراث الإغريقي الروماني، وفي محاولة منه للتعرف على الألوان أثناء الرسم؛ بسبب ضعف بصره، اعتمد مونيه ترتيبًا دقيقًا للألوان على اللوح، وعمد لكتابة أوصاف على أنابيب الألوان للتعرف عليها.
وأسّست المدرسة الانطباعية لجمالية تجسّدت في أمور؛ منها التركيز على تدرّجات الألوان والضوء، وألغت الحدود التي تفصل بين اللون والرسم، كذلك خرج الفنانون الانطباعيون إلى الطبيعة والهواء الطلق بدلاً من العمل في المحترفات الفنية، ورسموا مشاهد مستوحاة من الحياة اليومية ومن تحوّلات الطبيعة.
وبرزت أهمية مونيه في قدرته الكبيرة على التجدّد الفنّي مشفوعًا بعمله الدائم الذي لم يتوقّف على الرغم من تقدمه في السن، وكذلك بانفتاحه على الحضارات والفنون غير الأوروبية ومنها الشرق- أوسطية واليابانية، وبطرحه أسئلة أساسيّة حول معاني الفن وحول الإضافة التي يمكن أن يقدمها كمبدع عاش حتى الربع الأول من القرن العشرين، وعرف التحوّلات الاجتماعية والثقافية الكبرى، التي أسهمت في نشوء حركات الحداثة الفنية.