تأخر فريق ترامب في توقيع اتفاقيات انتقال السلطة يثير مخاوف أمنية
مع بقاء 65 يوماً فقط على تنصيب الرئيس المُنتَخب دونالد ترامب، تتزايد المخاوف الأمنية داخل الحكومة الأميركية بسبب تأخر فريقه الانتقالي في توقيع الاتفاقيات الرسمية اللازمة لنقل السُلطة، وهو ما قد يعطل وصولهم إلى معلومات حساسة، ويزيد من مخاطر الأمن القومي في الولايات المتحدة.
وكشف موقع «أكسيوس»، السبت، أن فريق ترمب لم يوقع بعد على مذكرات التفاهم الضرورية مع إدارة الخدمات العامة والبيت الأبيض، ما يعقد عملية الانتقال، ويزيد التحديات المرتبطة بالتحضير للإدارة المقبلة، في وقت يتطلب اتخاذ خطوات سريعة لضمان التنسيق الفعَّال بين الإدارتين المتعاقبتين.
وقال الموقع، إن فريق ترمب الانتقالي يستمر حتى الآن في تجاهل الإجراءات الرسمية المُصمَمة لتسهيل عملية نقل السُلطة، ناقلاً عن الفريق إنهم «ما زالوا يناقشون تفاصيل الاتفاقيات اللازمة لبدء عملية الانتقال».
وأشار الموقع، إلى أنه بسبب عدم التوقيع على هذه الاتفاقيات، فإن مسؤولي إدارة ترمب المقبلة لن يتمكنوا في الوقت الحالي من الوصول إلى الوكالات التي سيقودونها قريباً، أو إلى أنظمة الاتصالات المُؤمَنة، أو حتى إلى الإحاطات والتصاريح الأمنية.
ويرفض فريق ترمب حتى الآن، التوقيع على الاتفاقيات التي تلزمهم بالكشف عن الجهات المانحة للعملية الانتقالية، أو التعهد بتجنب تضارب المصالح.
وعملية انتقال السُلطة في الولايات المتحدة مصممة بحيث يحصل المرشح الفائز بسرعة على مكان للعمل منه، وتمويل فيدرالي، وحق الوصول إلى الموظفين الحكوميين وأنظمة الدولة، وقد بدأت بعض عمليات الانتقال الأخيرة، بما في ذلك تلك الخاصة بترمب في عام 2016، قبل يوم الانتخابات بوقت طويل.
وعندما التقيا، الأربعاء الماضي، أخبر ترمب، الرئيس الأميركي جو بايدن أن الانتقال سيكون «سلساً قدر الإمكان»، لكن خبراء يشككون في إمكانية تحقيق ذلك بدون التوقيع على الاتفاقيات اللازمة.
اتفاقيات نقل السلطة
وتجاهل فريق ترمب الانتقالي المواعيد النهائية للتوقيع على اتفاقيتين رئيسيتين مطلوبتين بموجب القانون الأميركي، وهما مذكرة تفاهم مع إدارة الخدمات العامة، وأخرى مع البيت الأبيض.
وتحدد اتفاقية إدارة الخدمات العامة، التي كان من المفترض توقيعها في الأول من سبتمبر الماضي، الشروط التي يمكن بموجبها لفريق الانتقال استخدام مكاتب الحكومة، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والمعدات والمرافق الأخرى.
أما اتفاقية البيت الأبيض، التي كان من المفترض توقيعها في الأول من أكتوبر الماضي، فهي الأكثر أهمية، وذلك لأنها تمنح فريق الانتقال شروط الوصول إلى الموظفين والمرافق والوثائق الخاصة بالوكالات الفيدرالية.
ونقل «أكسيوس» عن فاليري سميث بويد، وهي مديرة مركز الانتقال الرئاسي الأميركي، قولها: «كل شيء يعتمد على مذكرة التفاهم مع البيت الأبيض». وأضافت: «أي وصول إلى أي معلومات من أي وكالة يتم بموجب هذه الاتفاقية».
ولكن حتى الآن لم يوقع على أي من هذه الاتفاقيات.
وهناك اتفاقية ثالثة منصوص عليها في قانون الانتقال الرئاسي الأميركي PTA، التي تحكم إجراءات فحص الخلفية اللازمة لإصدار وزارة العدل التصاريح الأمنية لمسؤولي الأمن القومي ومسؤولي العملية الانتقالية، ولكن هذه الاتفاقية غير مطلوبة صراحةً بموجب القانون.
وتنُص اتفاقية البيت الأبيض وقانون الانتقال الرئاسي على أنه يجب على المرشحين، أن يقدموا خطة أخلاقية تهدف إلى توجيه عملية الانتقال الخاصة بهم.
مخاطر عدم التوقيع على الاتفاقيات
وحذرت سميث بويد، من أن تفويت الموعد النهائي للتوقيع على اتفاقية إدارة الخدمات العامة، قد يمنع فريق ترمب الانتقالي من الوصول إلى البنية التحتية الآمنة لتكنولوجيا المعلومات، التي تعد ضرورية للتواصل مع الوكالات الفيدرالية المختلفة، كما أنه في الانتخابات التي تأثرت بالفعل بعدد من عمليات الاختراق السيبرانية، فإن مثل هذه الحواجز الأمنية تكتسب أهمية متزايدة.
وأوضحت أنه بدون التوقيع على مذكرة التفاهم مع البيت الأبيض، فإن الاتصالات بين الإدارتين القادمة والمغادرة قد تتعطل، ما يعني «أنه قد تكون هناك مفاجآت في اليوم الأول»، مشيرة إلى عملية الانتقال بين إدارتي الرئيسين الأميركيين السابقين جورج دبليو بوش وباراك أوباما، عندما نسَق الفريقان لمواجهة «تهديد إرهابي»، كان يواجه حفل تنصيب الرئيس المُنتخَب آنذاك، باعتبارها «المعيار الذهبي».
ووفقاً لـ»أكسيوس»، فإن مثل هذه الاتفاقيات تمكن أيضاً من التواصل اليومي بشأن سير العمل داخل كل وزارة، إذ يقول ماكس ستير، وهو الرئيس التنفيذي لشراكة الخدمات العامة: «لا يمكنك الدخول إلى وزارة الدفاع (البنتاجون) أو وكالة الاستخبارات المركزية CIA أو أي وكالة فيدرالية أخرى دون توقيع اتفاق مع الحكومة القائمة حول شروط التعامل، وتحديد الأشخاص الذين يمكنهم الدخول إلى هناك».
ويشير خبراء إلى مقارنة خطيرة من انتقال الرئيس بوش في عام 2000، إذ خلصت لجنة التحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 إلى أن التأخير في إجراءات الانتقال عرقل قدرة الإدارة في ذلك الوقت على تعيين المسؤولين الرئيسيين، وتسريع وتيرة عملهم، وأوصت بعدد من الإصلاحات لـ»ضمان عمليات انتقال أكثر فعالية بعد ذلك»، وتضمنت هذه الإصلاحات السماح لفرق الانتقال «بالحصول على تصاريح أمنية فور انتهاء الانتخابات».
ويوجه قانون الانتقال الرئاسي، مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI والوكالات الأخرى لضرورة إجراء عمليات تحقق سريعة في خلفية المرشحين للمناصب المختلفة من أجل توفير التصاريح الأمنية للمرشحين لشغل مناصب الأمن القومي رفيعة المستوى قبل تنصيب الرئيس المُنتخَب، كما تنُص إحدى الإصلاحات التي تم إقرارها في عام 2004 إلى تسريع عملية إصدار التصاريح لأعضاء فريق الانتقال الذين يحتاجون إلى الوصول إلى معلومات سرية.
إلا أنه من أجل البدء في التعامل مع طلبات الحصول على التصاريح الأمنية، يتعين على الفريق القادم تقديم قائمة بأسماء المرشحين، لكن فريق ترمب لم يؤكد ما إذا كان قد تم تقديم مثل هذه القائمة، بحسب «أكسيوس».
وقال ستير: «الأمر يحتاج إلى العديد من الإجراءات حتى يكون الشخص مستعداً للعمل دون ارتكاب أخطاء، لأن الأخطاء ستكلفنا الكثير، ولذا فإن هذه الاتفاقيات تعد بمثابة طلقة البداية لجميع الإجراءات الأخرى التي يجب أن تتم بعد ذلك».
وفي بيان أصدرته الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة العدل الأميركية استعدادها لـ»تقديم إحاطات لفريق ترمب الانتقالي بشأن عملياتها ومسؤولياتها»، وأنها ستكون «على استعداد أيضاً لمعالجة طلبات الحصول على التصاريح الأمنية لأولئك الذين سيحتاجون إلى الوصول إلى معلومات تتعلق بالأمن القومي».
ما هو سبب التأخير في التوقيع؟
صحيح أن هذه الاتفاقيات توفر الموارد والحماية اللازمة للفرق الانتقالية، لكنها تضع أيضاً حداً أقصى قدره 5 آلاف دولار للتبرعات المتعلقة بالفترة الانتقالية، كما أنه عندما يقبل المرشح الحصول على مساعدة إدارة الخدمات العامة، فإنه يجب على فريقه أيضاً الكشف عن التبرعات الخاصة بجهود الانتقال.
وذكرت شبكة CNN، الأسبوع الماضي، أن المخاوف بشأن التعهد الأخلاقي المنصوص عليه في مذكرة التفاهم مع البيت الأبيض، التي يتعهد فيها المرشحون بتجنب تضارب المصالح بمجرد أداء اليمين، كانت أحد الأسباب التي أدت إلى التأخير.
وذكر «أكسيوس» أن عملية الانتقال تعد واحدة من العديد من العمليات التي لطالما كانت واضحة في الماضي، لكنها باتت «مُسيَسة» على نحو متزايد منذ صعود ترمب، الذي لا يثق أبداً في ما يصفه بـ»الدولة العميقة»، أو في إدارة بايدن على وجه الخصوص.
وفي فترة ولاية ترمب الأولى، انتظرت إدارة الخدمات العامة لعدة أسابيع بعد إعلان فوز بايدن في الانتخابات قبل السماح له بالبدء رسمياً في عملية الانتقال، وفي أغسطس الماضي، قال ترمب لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية، إنه سيرفض الإطلاع على الإحاطات الاستخباراتية التي عادةً ما تُقدم للمرشحين الرئاسيين خلال حملتهم الانتخابية، وذلك لتجنب اتهامه بتسريب المعلومات.
وأكد فريق ترمب، أن عملية الانتقال الخاصة به يجري تمويلها من القطاع الخاص، وبالتالي فهم لا يحتاجون إلى الحصول على التمويل المُخصَص للعملية من الكونجرس.
من جانبها، اتهمت تولسي جابارد، وهي عضوة في فريق ترمب الانتقالي ومرشحته لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، إدارة بايدن بمحاولة السيطرة على عملية الانتقال.
وقالت في في فعالية قبل الانتخابات: «إنهم يشعرون بالذعر لأنهم لا يستطيعون وضع جواسيسهم داخل الفريق الانتقالي لمحاولة معرفة ما يفعله دونالد ترمب حتى يتمكنوا من إطلاق آلات الدعاية الإعلامية الخاصة بهم ضده، ومحاولة تقويض العمل الذي نقوم به لجمع الشخصيات الوطنية معاً لإصلاح الحكومة».
ما هي آخر تطورات المفاوضات؟
يقول بريان هيوز، وهو المتحدث باسم فريق ترمب الانتقالي، إن محاميي الفريق مستمرين في «التواصل بشكل بنَاء مع محاميي إدارة بايدن فيما يتعلق بجميع الاتفاقيات المنصوص عليها في قانون الانتقال الرئاسي».
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير للصحافيين، الأسبوع الماضي، إن كبير موظفي البيت الأبيض جيف زينتس، تواصل مع الرئيسين المشاركين لفريق ترمب الانتقالي ليندا ماكمان وهوارد لوتنيك، وأنه على الرغم من عدم التوقيع على الاتفاقيات اللازمة بعد، فإن الإدارة «مستعدة للمساعدة» لضمان «انتقال سلس».
وقبل الانتخابات، صرَح لوتنيك لشبكة CNN، قائلاً إن «فريق ترمب على الأرجح سيوقع على الاتفاقيات اللازمة للانتقال، وذلك شريطة أن يتمكن المحامون من الاتفاق بشأنها».