وزارة الصناعة والثروة المعدنية: القطاع يحتاج إلى استثمارات رأسمالية تصل إلى 5.4 تريليون دولار
أعلن مؤتمر التعدين الدولي، الذي تنظمه وزارة الصناعة والثروة المعدنية، عن صدور تقريره بعنوان “صياغة مستقبل المعادن” المُعَدّ بالتعاون مع نخبة من المراكز والمؤسسات البحثية الرائدة عالمياً؛ بهدف تقديم رؤى شاملة تسلط الضوء على أهمية خلق قيمة مشتركة وتعزيز التكامل المستدام في منظومة التعدين العالمية.
وتضمن التقرير رؤى متقدمة وقيمة من قيادات مرموقة على مستوى العالم مثل مارك كوتيفاني، رئيس مجلس إدارة شركة فالي للمعادن الأساسية المحدودة الدكتور ميشيل فوس، أستاذ أبحاث في مجال الطاقة في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، إلى جانب خبراء من مؤسسات بحثية مثل سي آر ي يو جروب و”وود ماكنزي” للاستشارات وجلوبال إيه إي وشركة كلاريو الاستشارية.
ويستعرض التقرير محاور رئيسة تشمل مساهمة المعادن في تطوير المجتمعات، والقيمة المضافة التي يمكن أن تقدمها الدول الموردة لها، والتحديات الناجمة عن استنزاف الموارد, كما يناقش الحاجة الملحة إلى استثمارات ضخمة لتحفيز التنمية ودعم التحول في مجال الطاقة، مع التركيز على أهمية الشراكات الجديدة لتطوير عمليات التمويل وتعزيز عملية التوزيع العادل لعوائد التعدين؛ بما يحقق منافع مشتركة للدول والمجتمعات المضيفة.
وبالإضافة إلى ذلك عالج التقرير التصورات السلبية تجاه التعدين، التي قد تعوق القبول المجتمعي لمشاريعه وتحد من الاستثمارات.
وفيما يتعلق بالاستثمارات كشف تقرير “صياغة مستقبل المعادن” عن أن القطاع يحتاج إلى استثمارات رأسمالية تصل إلى 5.4 تريليون دولار، خلال العِقد المقبل لدعم وتوسيع مرافق التعدين والمعالجة؛ مما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بالعقد السابق (2012-2023).
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 90% من هذه الاستثمارات ستتركز في خام الحديد والنحاس والذهب، إذ سيخصص 70% من رأس المال لدعم هذه السلع، مع تركيز خاص على الأصول القائمة.
كما أن سلسلة قيمة الصلب وحدها قد تتطلب إنفاقًا رأسماليًا مستدامًا بقيمة 1.6 تريليون دولار، ومن بين ما أكده التقرير أن المعادن الحرجة، مثل الكوبالت والجرافيت والليثيوم، تكتسب أهمية خاصة وتشكل أكثر مراحل القيمة أهمية، حيث تنتج نحو 70% من القيمة الإجمالية للكوبالت، و68% للجرافيت، و54% لليثيوم”.
وأفاد بأن مناطق مثل آسيا والمحيط الهادئ والهند وأمريكا اللاتينية وأفريقيا ستتطلب أكثر من 40% من إجمالي الاستثمارات الرأسمالية، مما يشير إلى تحول كبير في تدفقات رأس المال نحو الأسواق الناشئة.
وفيما يتعلق بآفاق المستقبل، أشار التقرير إلى أن إنتاج مواد البطاريات وإعادة تدويرها يمكن أن يولد إيرادات سنوية تصل إلى 800 مليار دولار بحلول عام 2040؛ مما يعزز أهمية المعادن في دعم الاقتصاد العالمي وتحقيق أهداف الاستدامة.
وأشار المشرف العام على مؤتمر التعدين الدولي علي بن مرزوق المطيري إلى أن تقرير “صياغة مستقبل المعادن” يقدّم محتوى موثوقًا يعالج الصعوبات والتحديات التي تواجه إمدادات المعادن، ويحفّز النقاش حول مستقبل القطاع ومساره في النسخة القادمة من المؤتمر في يناير 2025.
وقال: “إن منطقة التعدين الكبرى يمكن أن تسهم في مجابهة الكثير من تحديات مستقبل التعدين، كونها تمتلك إمكانات تعدينية هائلة غير مستغلة، مما يمكنها من لعب دور محوري في دفع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة”.
ومن جانبه أكد رئيس مجلس إدارة شركة فالي للمعادن الأساسية مارك كوتيفاني الدور المحوري للشراكات في تعزيز مقترحات القيمة المشتركة في قطاع التعدين، وقال: “إن الشراكات التي تسعى لخلق قيمة مستدامة ومشتركة، مع الالتزام بدعم الأطر التجارية الفعّالة، تمتلك القدرة على إحداث نقلة نوعية، ليس فقط في تلبية توقعات أصحاب المصلحة الرئيسيين، بل في تجاوزها، مما يسهم في تحقيق تحول إيجابي ومستدام في القطاع”.
وسلط رئيس معهد شركاء التنمية وشركة كلاريو الاستشارية بيتر براينت، الضوء على الدور الحيوي للحكومات والسياسات الصناعية في قطاع التعدين، مشيرًا إلى أن صناعة التعدين لم تول في الماضي الاهتمام الكافي فيما يتعلق بالتعاون المشترك في هذا المجال، مما أثر سلبًا على الثقة بين الحكومات والمجتمعات المحلية، لكن، تُشاهد الشراكات اليوم تأخذ دورًا رياديًا في خلق قيمة مشتركة، بالتعاون مع شركاء جدد وعلى مستويات أعمق.
وأفاد بأن الحكومات مستمرة في لعب دور أساسي في دعم القيمة المشتركة؛ من خلال توفير منصات حيوية للاستثمار وتجنب التدخلات غير المناسبة، مما يمهد الطريق لتحقيق نتائج مستدامة وموثوقة. فيما أوضح المستشار الرئيسي في شركة سي آر ي يو جروب، إيونوت لازار, أن تحقيق أهداف خفض الكربون العالمية يتطلب تعاونًا فعّالًا بين مختلف القطاعات, مبينًا أن هذا الهدف ليس في متناول شركة واحدة، بل يتطلب استجابة جماعية من جميع الأطراف المعنية ولتحقيق التقدم السريع والنطاق المطلوب، يجب أن يكون التعاون على مستوى العالم هو الأساس الذي تُبنى عليه الجهود المشتركة نحو بيئة أكثر استدامة.
بدوره قال رئيس قسم المعادن والتعدين في وود ماكنزي، باتريك بارنز: “إن إضافة القيمة في قطاع التعدين يمكن أن تعود بفوائد كبيرة على الدول، أبرزها تعزيز الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الإيرادات الضريبية من قاعدة ضريبية أوسع وعلاوة على ذلك فإن زيادة القيمة المضافة تسهم في تحسين إيرادات الصادرات من خلال تصدير منتجات ذات قيمة أعلى كما أن القيمة المضافة تفتح المجال أمام خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، مما يسهم في دعم التنمية المستدامة التوظيف”.
فيما ركز أستاذ أبحاث في مجال الطاقة في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس الدكتور ميشيل فوس, على الدور الحيوي الذي تؤديه الحكومة في بناء القيمة المشتركة, مبينة في هذا الصدد أنه رغم أن صناعة التعدين قادرة على تقديم مساهمات كبيرة في تعزيز الفوائد المحلية والإقليمية، إلا أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الحكومات لضمان تخصيص الإيرادات الناتجة عن الضرائب ورسوم الملكية بطريقة تعزز الثقة وتعزز التنمية المستدامة.
وفي رأي الرئيس التنفيذي لشركة جلوبال إيه إي ريتشارد روثينبرج، أنه من الضروري، في ظل تزايد الطلب على المعادن الحرجة، أن يعكف صناع السياسات والمستثمرون على إعطاء الأولوية للممارسات المستدامة، وتعزيز المشاركة المجتمعية، واتباع الحوكمة الشفافة. فهذا النهج، كما قال، هو السبيل لضمان النجاح المستدام على المدى الطويل، وتعزيز الصورة الإيجابية للقطاع بما يحقق الفائدة للجميع. وأشار إلى أن مؤتمر التعدين الدولي والاجتماع الوزاري الذي يُعقد في إطاره هما بمثابة منصتين عالميتين لبناء أطر التعاون بين الدول فيما يختص بمستقبل التعدين، وإدارة الحوار بهذا الشأن، علاوة على ما تتيحه المنصتان لجميع المعنيين بقطاع التعدين ليطلعوا على الدور المحوري لاستدامة القطاع ومستجداته على الصعيد التقني، وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية.
يذكر أن الرياض سوف تستضيف النسخة الرابعة من مؤتمر التعدين الدولي والاجتماع الوزاري الدولي، خلال الفترة من 14 إلى 16 يناير 2025، تحت شعار “تحقيق الأثر”، بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى يمثلون الحكومات، وشركات التعدين، والمؤسسات المالية، ومراكز الأبحاث والجامعات.