طب

علماء ينجحون في فك الشيفرة الوراثية للإنفلونزا

يبدو أن العلماء يقتربون، بعد ما يقرب من 40 عامًا من البحث، من القضاء على الإنفلونزا بشكل دائم، حيث كشف باحثون في فرنسا عن نظرة ثاقبة داخل عالم فيروس “الإنفلونزا أيه”، موضحين كيفية تغليف هذا الفيروس المجهري لمادته الجينية وحمايتها.

ولأول مرة، تُقدّم الدراسة المنشورة في مجلة “Nucleic Acids Research” رؤية لكيفية بناء الفيروس لهيكله الداخلي، مما يفتح آفاقًا جديدة لمكافحة العدوى الفيروسية وصنع أدوية أفضل لموسم الإنفلونزا.

وتشتهر فيروسات الإنفلونزا بتسببها في أوبئة موسمية وجوائح عرضية، مع التهديد المستمر لسلالات إنفلونزا الطيور التي قد تنتقل من الحيوانات إلى البشر.

وتعد المادة الجينية أساسًا في قدرة الفيروس على الانتشار والبقاء، وهي مغلفة بعناية في غلاف بروتيني مثل لفافة مجهرية، وباستخدام تقنيات تصوير متقدمة، أنشأ العلماء الخريطة الأكثر تفصيلًا حتى الآن لكيفية تجميع الفيروس لمادته الجينية.

وركز البحث الذي أشرف عليه المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي وجامعة غرينوبل الفرنسية، على البروتين النووي، وهو بروتين حيوي يعمل كغلاف واقٍ للحمض النووي الريبوزي الفيروس، أي تعليماته الجينية.

واستخدم الفريق نهجًا متقدمًا لتفكيك وإعادة بناء هيكل البروتين الفيروسي في بيئة مختبرية.

ومن خلال إزالة أجزاء صغيرة من هيكل البروتين، تمكّن الباحثون من إنشاء نسخ أكثر استقرارًا وأقل مرونة من الحزمة الجينية الأساسية للفيروس.

وسمح ذلك للباحثين بالتقاط صور دقيقة للغاية تكشف كيف تلتف المادة الجينية عبر هيكل البروتين.

وكان أحد الاكتشافات المفاجئة مرونة تغليف الفيروس الجيني، ووجد الباحثون أن البروتين يمكن أن يستوعب بين 20 و24 وحدة بناء جينية، مع جانب واحد من البروتين أكثر تكيفًا من الآخر.

وقد تفسر هذه المرونة كيفية قدرة الفيروس على التغيير والتكيف بسرعة، وهو سبب رئيسي لصعوبة الدفاع ضد الإنفلونزا كل عام، وفق ما ذكر موقع “studyfinds” العلمي.

ومن النتائج التي كشفت عنها الدراسة أيضا وجود تفاعلات معقدة بين البروتين والمادة الجينية، إذ لا يظل الحمض النووي الريبوزي سلبيًا داخل البروتين، بل يساعد بنشاط في تشكيل هيكل الفيروس، مما يسهم في المرونة العامة للجسيم الفيروسي.

وأشار الباحثون إلى أن الأحماض الأمينية الأربعة عشر الأولى للبروتين تلعب دورًا حاسمًا في وظيفتين رئيسيتين هما توفير المرونة للفيروس ومساعدته على التحرك داخل الخلايا المضيفة.

وفي ملخص للدراسة، قال الباحثون: “يمهد هذا الاختراق الطريق لتصميم جزيئات دوائية جديدة قادرة على الارتباط بغلاف البروتين، وإضعاف الحمض النووي الريبوزي الفيروس، ومنع تكاثر فيروس الإنفلونزا، الذي يؤثر على الملايين”.

وعلى الرغم من أن الدراسة أجريت في بيئة مختبرية محكمة، إلا أنها تمثل خطوة حاسمة في فك آليات أحد أكثر التهديدات الفيروسية تكيفا واستمرارية في العالم.

علق على الخبر بحسابك بالفيسبوك
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى