قضايا و حوادث

توقيف محمد كنجو الحسن: خطوة نحو محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب في سوريا

توقيف رئيس القضاء العسكري السابق محمد كنجو الحسن في سوريا: خلفيات ودلالات

في خطوة لافتة، أوقفت السلطات السورية الخميس، محمد كنجو الحسن، رئيس القضاء العسكري السابق، الذي يُعتبر من أبرز المسؤولين عن إصدار أحكام الإعدام التعسفية في سجن صيدنايا الشهير. هذا التوقيف جاء بعد سلسلة من الاشتباكات العنيفة التي اندلعت في غرب البلاد، عقب محاولة قوات الأمن اعتقاله في مسقط رأسه في قريته “خربة المعزة” في محافظة طرطوس.

التفاصيل الكاملة للاشتباكات

وفقًا لوسائل الإعلام السورية، فإن توقيف الحسن جاء خلال حملة أمنية واسعة نفذتها إدارة العمليات العسكرية في المنطقة. وقد أسفرت هذه الاشتباكات، التي وقعت الثلاثاء الماضي، عن مقتل 14 من عناصر قوات الأمن السوري، فيما أفادت مصادر ميدانية بمقتل ثلاثة مسلحين يرتبطون بالنظام السابق. وقد حاولت قوات الأمن توقيف الحسن الذي كان يشغل منصب مدير إدارة القضاء العسكري ورئيس المحكمة الميدانية في وقت سابق، وهو ما أدى إلى نشوب المعارك بين قوات الأمن والمسلحين الموالين له في المنطقة.

اتهامات الحسن

يعد الحسن من الشخصيات البارزة في نظام بشار الأسد، وكان يتولى مسؤولية إصدار أحكام الإعدام بحق آلاف المعتقلين في سجن صيدنايا الواقع شمال العاصمة دمشق، والذي أصبح رمزًا للفظاعات والانتهاكات التي ارتكبت بحق السجناء في سوريا. تشير التقارير إلى أن الحسن كان يشرف على المحاكم الميدانية التي أصدرت أحكامًا قاسية وتعسفية بحق المعتقلين، ما أسفر عن مقتل العديد منهم في ظل ظروف قاسية. لقد كان سجن صيدنايا واحدًا من أسوأ الأمثلة على التعذيب والانتهاكات في تاريخ النزاع السوري، وما زال مصير عشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين يشكل علامة استفهام كبرى.

العملية الأمنية في طرطوس

إطلاق الحملة الأمنية في محافظة طرطوس، التي أعقبت الاشتباكات العنيفة، تأتي في سياق جهود السلطات السورية لاستعادة السيطرة على المناطق التي شهدت مقاومة أو تمردًا من الموالين للنظام السابق. ووفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء السورية “سانا”، فإن العملية الأمنية تهدف إلى ضبط الأمن في ريف المحافظة وملاحقة فلول النظام السابق في المناطق الجبلية والأحراش التي تشهد نشاطًا مسلحًا. هذا التصعيد يعكس حالة من التوتر الأمني في بعض المناطق، حيث تسعى السلطات إلى إيقاف أي محاولة من قبل الجماعات المسلحة الموالية للنظام السابق للتمرد أو شن هجمات على قوات الأمن.

دلالات التوقيف على الوضع السوري

يعد توقيف محمد كنجو الحسن جزءًا من حملة أوسع لمحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات خلال سنوات الحرب السورية. لكن رغم توقيفه، تظل الأسئلة قائمة حول كيفية تعامل الحكومة السورية مع ملفات كبار المسؤولين عن جرائم الحرب، وما إذا كانت هناك خطوات حقيقية نحو المساءلة أو مجرد تحركات داخلية تتعلق بتصفية حسابات داخل النظام نفسه.

إن التوقيف يشير إلى أن هناك صراعًا داخليًا في صفوف النظام، في وقت تسعى فيه دمشق لاستعادة تماسكها أمام التحديات الداخلية والخارجية. قد يكون هذا الحدث مؤشرًا على بدء مرحلة جديدة من الحسابات بين الأطراف المختلفة في النظام، لا سيما بين الأجهزة الأمنية والمجموعات المسلحة التي كانت تتمتع بنفوذ كبير خلال مراحل معينة من النزاع.


يبقى توقيف محمد كنجو الحسن حدثًا ذا دلالة كبيرة في إطار الأزمة السورية المستمرة، حيث يسلط الضوء على استمرار الانقسام داخل النظام السوري، والتحديات التي تواجهه في مواجهة المجموعات المسلحة وأطرافه الداخلية. في حين أن محاكمة المسؤولين عن الانتهاكات تبدو خطوة ضرورية نحو العدالة، تبقى آفاق التغيير السياسي والاجتماعي في سوريا غامضة ومعلقة بالتحولات القادمة في الوضع الإقليمي والدولي.

محمد كنجو الحسن
محمد كنجو الحسن

 

علق على الخبر بحسابك بالفيسبوك
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى