أسرار من خلف المقود.. “Porsche Panamericana” نواة الحاضر المزدهر
خلال عام 1989 وفي أثناء الاحتفال بالعيد الـ 80 لـ”فرديناند بورشه”، قررت شركة “Porsche” تكريم الرجل من خلال طراز اختباري مستقبلي يحمل من جهة تراث طراز “911 كاريرا” الأسطوري، والتقنيات التي كانت تطورها الشركة آنذاك لتظهر على الجيل القادم من السيارة الأسطورية، أي الجيل الذي حمل لاحقًا الرمز “993”.
كانت السيارة الجديدة، التي حملت تسمية “Panamericana” تيمنًا بالسباق الشهير، من تصميم “هارم لاجاي”، وعُرضت في معرض فرانكفورت للسيارات عام 1989، بعد فترة تطوير مدتها ستة أشهر فقط. وهي جاءت على أساسات “911 Carrera 4 Cabriolet” مع جسم مكوّن من ألواح البلاستيك وألياف الكربون. ومن السمات البارزة للسيارة هي أغطية العجلات العريضة التي صُمّمت كذلك كي تتمكن من توفير مساحة كافية لأحجام مختلفة من الإطارات، بما فيها تلك التي تتناسب مع ظروف القيادة على الطرق الوعرة إذا لزم الأمر.
صُنعت إطارات “Speedline” المكوّنة من ثلاثة أجزاء لتكون حصرية للسيارة، مع مداس يحمل نقشة هي عبارة عن شعار “Porsche”. كما جرى تبسيط خط السقف بشكلٍ متجانس كي يميل بلطف نحو سطح المحرك الخلفي، فيما تميز جزء علوي من السقف بالقماش المقاوم للماء القابل للإزالة يمكن ربطه بسحاب يحمل اللون الوردي.
عند النظر إلى “Panamericana” من الأمام، يبدو تصميمها مشابهًا لطرازي 911 “الجيل 993” وBoxster. ورغم أنّ عجلاتها لم تكن مثبتة بوضعية تسمح بتعزيز انسيابية السيارة، فإنّ الجسم المرسوم بعناية مكّنها من أن تحقق انسيابية عالية.ا
وبالإضافة إلى أنّ “Panamericana” كانت تهدف بالأساس لأن تكون مجرد سيارة اختبارية واحتفالية بعيد “فرديناند”، فإنّ مصممها “لاجاي” كان يأمل في أن يتم إنتاج ابتكاره على الأقل بأعداد محدودة نظرًا لأن الفارق بين السيارات الاختبارية والسيارات محدودة الإنتاج هو أنّ الأولى يستمتع زوار المعارض بمشاهدتها على منصة العرض وتتحدث عنها وسائل الإعلام لمدى لا تزيد على شهر “بأحسن الأحوال” ثم تضيع في غياهب النسيان، أما السيارات محدودة الإنتاج فهي التي يتناقلها عشاق العلامة التجارية على مدى السنوات ليرتفع سعرها إلى حدود قياسية وتدخل في صلب ثقافة صناعة السيارات وإرثها المجيد.
أما السر الذي حملته السيارة فهو أنها كانت من أكبر العوامل التي ساهمت بدفع “Porsche” لاتخاذ القرار الجريء بإنتاج طراز “Cayenne” الذي ربما حوّل الصانع الألماني من مُنتج لسيارات الشباب الرياضية حصرًا إلى صانع ذي إنتاج أكبر يستهدف أرباب العائلات، لكنه الطراز الذي يعود له الفضل بتحويل “Porsche” إلى صانع يتمتع بالمال الوفير الذي يسمح له بأن يموّل مشاريع تطوير وإنتاج سيارات خارقة على غرار طرازي “Carrera GT” و”918 Spyder”.
وبذلك تكون التضحية بطراز “Panamericana” هي النواة التي لعبت دورًا بالتأسيس للواقع المتقدم الذي تعيشه “Porsche” اليوم.