دراسة توصي بتبني القضاء المزدوج في البحرين
طالب المحامي عبدالله نجم العلي بضرورة منح المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان مزيدا من الصلاحيات وجعل رأيها الاستشاري وما يصدر عنها من قرارات متعلقة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة للأخذ بها من قبل الهيئات التشريعية والتنفيذية. ودعا في أطروحة نال عنها درجة الدكتوراه بامتياز من كلية الحقوق بجامعة عين شمس المصرية، بعنوان «ضمانات حقوق الإنسان في الدستور البحريني – دراسة مقارنة» لتبني النظام القضائي المزدوج في المملكة ليكون هناك محاكم إدارية مستقلة عن محاكم القضاء العادي.
وسلطت الدراسة الضوء على ضمانات حقوق الإنسان في الدستور البحريني، من خلال تحليل الأحكام القضائية والنصوص القانونية في التشريعات الوطنية والمقارنة، مع الإشارة في بعض المواضع إلى الاجتهادات الفقهية، حيث أشار الباحث إلى أن الدستور البحريني قد أكد على الضمانات الدستورية لحقوق الإنسان ومنها: مبدأ الفصل بين السلطات ووجود المجلس الوطني، ووجود جلالة الملك المعظم كضامن للحقوق والحريات العامة، فضلا عن الرقابة الدستورية، وذلك من خلال المحكمة الدستورية التي تعد إحدى أهم الضمانات لحقوق الإنسان لمراقبتها والوقوف على مدى توافق القوانين مع الدستور. وقال العلي إن ضمانات حماية حقوق الإنسان المقررة في الدستور البحريني تتخذ شكلين أساسيين، وهما: الضمانات السياسية التي تعمل على إعادة رسم حدود العلاقات بين الإدارة والمواطنين، والضمانات القانونية التي تأخذ شكل الحماية القضائية والتشريعية من أجل ضمان الإطار العام للحقوق والحريات.
وتم تقسيم الدراسة إلى بابين، يسبقهما فصل تمهيدي حول تطور حقوق الإنسان وماهيتها وأنواعها، حيث تناول في الباب الأول الضمانات السياسية والقضائية لحقوق الإنسان في الدستور البحريني من حيث مبدأ الفصل بين السلطات كضمانة لحماية حقوق الإنسان، وكذلك استقلال القضاء ورقابة القضاء الدستوري باعتبارهما ضمانة لحماية حقوق الإنسان، وتطبيقات لحماية القيمة الدستورية لحقوق الإنسان.
وفي الباب الثاني بين الباحث الضمانات القانونية في الدستور البحريني من حيث حفظ النظام العام والأساس الدستوري لوظيفة حفظ النظام العام وأثره في حقوق الإنسان، فيما تناول في الفصل الثاني التوازن بين حفظ النظام العام وحقوق الإنسان.
وانتهت الدراسة إلى مجموعة من النتائج وهي أن الملك يمثل ضمانة دستورية لحماية الحقوق والحريات في النظام الدستوري البحريني حيث يُستقرَأ من الوثيقة الدستورية البحرينية أن الملك يتولى رعاية حقوق الأفراد والهيئات وحرياتهم وضمان سيادة الدستور والقانون، كما يعتبر مبدأ سيادة القانون ضمانة جوهرية لقانونية الدولة ولحماية الحقوق والحريات، واستقلالية القضاء ضمانة دستورية لحقوق الإنسان، وكذلك الرقابة على الدستورية ضمانة أساسية لحقوق الإنسان، حيث تبنـى الدسـتور البحرينـي آلية قانونية لحمايـة سـمو الدسـتور وما يقرره من حقوق وحريات أساسية وذلك من خلال وسائل مباشرة الرقابة على الدستورية في توسيع كافة الطرق التي يمكن من خلالها ضمان حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وقد وســع المشــرع الدســتوري البحرينــي مــن نطــاق الرقابــة علــى دســتورية القوانيــن، وذلــك مــن خــلال تبنـيه للرقابــتين الســابقة واللاحقــة فــي آن واحــد. وأكد الباحث أن ضمانات حماية حقوق الإنسان لا تقتصر على الضمانات السياسية فقط، وإنما ينضم إليها أيضا ضمانات قانونية، ترتبط بمشروعية ممارسة الحق أو تقييد ممارسته حفاظا على النظام العام، منوها إلى أن الدستور البحريني جعل الشريعة الإسلامية مصدرا رسميا للتشريع، بل تمثل مصدرا يتعين على القاضي الرجوع إليه لاستقاء الحل المناسب للنزاع في ظل عدم وجود نص تشريعي يحكم المنازعة.
وأوصت الدراسة بتبني النظام القضائي المزدوج في مملكة البحرين ليكون هناك محاكم إدارية مستقلة عن محاكم القضاء العادي إذ ثبت من خلال دراسة النظم القانونية المقارنة في مصر وفرنسا أن القاضي الإداري يسهم بدور مهم في حماية حقوق الإنسان.
كما أوصت الدراسة بضرورة منح المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان مزيدا من الصلاحيات وجعل رأيها الاستشاري وما يصدر عنها من قرارات متعلقة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة للنظر بها من قبل الهيئات التشريعية والتنفيذية، ودعت إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية لضمان الحفاظ على هذه الحقوق وعدم المساس بها، وذلك من خلال الدورات والندوات المتخصصة والتأكيد على دور المؤسسة الوطنية ومعهد التنمية السياسية في ذلك.